" ومن كان من خليطين ، فإنهما يتراجعان
بينهما بالسوية .
ماذا يعني خليطين ؟ ... هناك فرق . الخليطين هم الشريكين ، في مذهب أبي حنيفة ومالك في أشهر أقوالهم . لكن
الجمهور قالوا : لا .. الخلطة ليست هي المشاركة . إنما لكل واحدة منهما حكمها الخاص ...
بناء على قول أبي حنيفة ـ رحمه الله ـ
إذا كان عندك أربعين من الغنم . وأنا عندي أربعين من الغنم . ونحن مشتركين في هذه
الغنم . ولنفرض أن هذه المشاركة حتى على
الشيوع .
فكم يكون علينا في هذه الغنم مادمنا
مشتركين ، والتي هي على الشيوع ؟ .
أبو حنيفة يقول : لا . كل واحد لديه أربعين . فكل واحد تجب عليه شاة .
كذلك عندما يكون عندي أنا عشرين وأنت
عشرين . وبيننا شركة على الشيوع ، فكم يكون
مجموعهم ؟ ... أربعين ..
هل يأتي العامل يأخذ منهما شاة ؟ ...
أبو حنيفة مرة أخرى يقول لا . فجعل الخليطين هم الشريكين .
الجمهور قالوا : لا... نحن سلمنا بهذا . هذا اتفاق بيننا وبينكم في حالة المشاركة . فأنت بهذا تلغي معنى هذه
العبارة في الحديث :
" وما كان من خليطين ، فإنهما يتراجعان
بينهما في السوية " ..
ماذا يعني هذا ؟ ....
الخلطة لها معنى آخر . ماهي شروط
الخلطة وهذا ما هو عليه الجمهور وهو الصواب ... عندما يكون لدي أربعين مثلا . وأنت
لك أربعين لكن الأربعين التي عندي على الأربعين التي لديك سواء كانت الخلطة هذه
خلطة جوار ( أي من مائة وأربعين مميزين . علمتهم بعلامة حمراء مثلا . وأنت عندك
أربعين مميزين .علمتهم بعلامة زرقاء مثلا) .. لكن تحققت فيهم شروط الخلطة
التي هي :
إتحاد المسرح _ الذي هو المرعى
_ يسرحوا مع بعض ويرعوا مع بعض .
واتحاد المبيت _ يبيتون مع بعض _
واتحاد الحوض _ يشربون مع بعض _
واتحاد الفحل _ يطرقهم فحل واحد _
هذا يسمى خليط ... وهذا الخليط
مكون من أربعين ملكي وأربعين ملكك . لكن ثبتت فيهم أحكام الخلطة . إذن فهم ثمانين
. عندما يأتي العامل هنا لكي يحصل الصدقة أو الزكاة يأخذ واحدة .
هذه الخلطة كما قلنا تكون :
ـ إما خلطة جوار ( الأربعين
التي في ملكي علمتهم بعلامة . والأربعين التي في ملكك علمتهم بعلامة أخرى )
ـ أو خلطة شيوع ( هذه الثمانين ملك
لنا نحن الإثنين مع بعض . شيوع . الملك فيهم على المشاعة)
لو كان الملك على المشاع ، ليس هناك
مشكلة . يأخذ شاة من هذه الثمانين . وهذه
الشاة بيني وبينك . لكن إذا كانت الخلطة ، خلطة جوار فأخذ شاة من المعلمين
بالعلامة الحمراء الذين هم في ملكي . لا تأتي أنت وتقول لي : لقد أخذ شاة من
الأربعين التي تملكها أنت .. لا .
" وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان
بينهما بالسوية " ... فبما أنه أخذ شاة من عندي ، يكون لي عندك نصف شاة .
نرجع الآن للعبارة التي تركناها .
" ولا يجمع بين مفترق " رأينا مثالها
. أنا لدي أربعين وأنت لديك أربعين . وعمرو لديه أربعين .
تخلطهم مع بعض . فيصبحوا مائة وعشرين . ونأتي إلى عامل الصدقة ونقول له إن هذا خليط . فلا يأخذ منه إلا شاة واحدة .
سيقول سائل : وكيف تنظبط هذه القسمة ؟
.
الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ ، وهذا
مذهب كثير من أهل العلم ، أن المسلمين لا يحلفون على صدقاتهم .
إن ثبت عند العامل شيئا معينا ، يأخذ
به ، مهما قلت أنت . لكن إذا لم يثبت لديه ، فالقول قول المالك بغير يمين
.... لأنك أنت أو هو سواء .... من تريدون أن تخدعون ؟ !!..
نرجع هنا إلى حديث عبد الله ابن
معاوية الغادري الذي أخرجه ابو داوود والطبراني بسند صحيح أن النبي ـ صلى الله
عليه وعلى آله وسلم ـ قال :
" ثلاث من فعلهن طعم طعم الإيمان ( أو
فقد طعم طعم الإيمان ) : من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا هو ـ وأعطى زكاة ماله
طيبة بها نفسه رافدة عليها في كل عام ـ ولا يعطي الهرمة ( العجوزة ) ولا
[الدرنة ؟] ( التي هي الجرباء ) ولا المريضة , ولا
الشرط اللئيمة ( هي البخيلة باللبن ) .
( ثم هذه الزيادة الموجودة عند الطبراني ) : " .... ويزكي نفسه " .
فقيل له : وما زكاة نفسه ؟
قال : أن يعلم أن الله عز وجل معه
أينما كان . ( مطلعا عليه ) . وهذه مرتبة الإحسان التي وردت في حديث عمر ابن
الخطاب في صحيح مسلم من حديث جبريل . قال :
ـ أخبرني عن الإحسان .
قال عليه الصلاة والسلام :
ـ أن تعبد الله كأنك تراه . فإن لم
تكن تراه ، فإنه يراك .
لذلك يقول النبي عليه الصلاة والسلام :
" ولا يجمع بين مفترق .ولا يفرق بين
مجتمع خشية الصدقة "
الكلام عنا يعود على المتصدق . كما
أنه يعود على المصدق أيضا . فلا يأتي على الخليط الذي به الثمانين التي بيني وبينك
، وهي خليط متحد في المسرح والمبيت والحوض والفحل ثم يقول لك :
لا .. أنت لك أربعين وهو له
أربعين لكي يأخذ منهم شاتين .
" ولا يجمع بين مفترق .ولا يفرق بين
مجتمع خشية الصدقة "
نأتي إلى بعض الأحاديث ، كحديث عبد
الله ابن معاوية الغادري : " ولا يعطي الهرمة ( العجوز التي سقطت أسنانها ولا
الترنة ( التي هي الجربة بها جرب ) ولا المريضة
ولا ذات الشرط اللئيمة ( البخيلة باللبن . لبنها قليل ) ..ولكن من أوسط أموالكم ، فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم
بشره ..
( و يزكي نفسه ) وهذه الزيادة التي عند
الطبراني .
إذن يعطي الوسط . لا يعطي الأشياء
الضعيفة الدونية ويحسب نفسه متصدقا . لا . " فإن الله لم يسألكم خيره ولم
يأمركم بشره " .
وعندنا ما رآن مالك في الموطأ أيضا من
حديث سفيان ابن عبد الله الثقفي أن عمر ـ رضي الله عنه ـ حين أرسله للصدقة ، قال :
" وتعد عليهم الثخلة يحملها الراعي ولا
يأخذها ( يعدها لكن لا يأخذها من ضمن النصاب ) .. ولا يأخذ الأكولة ( التي حجزت
للتغذية ولتربية اللحم ) ولا الربى ( التي تربى في البيت بلبنها) ولا الماخض ( الحامل . وعمر ـ رضي الله عنه ـ هنا تعرض لكرائم الأموال ) ..ولا فحل الغنم .
وتأخذ الجذعة والثنية . فإن هذا عدل بين غذاء المال ونفيسه . أن تعدل لا بين هذا
ولا بين هذا . تأخذ الثنية والجذعة .
ولا تأخذ الحمولة . هذا ورد في حديث
عند احمد وأبي داوود والنسائي أن مصدقي رسول الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
قالا : عهد إلينا رسول الله ـ صلى الله عليه
وعلى آله وسلم ـ ألا نأخذ الشافع . ( والشافع هي التي في بطنها ولدها .
الحامل ) .
فكل هذا من الصفات . ويجمع هذا قوله ـ
صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ لمعاذ لما أرسله إلى اليمن كما ثبت في الصحيحين من
حديث ابن عباس ـ رضي الله عنهم جميعا ـ :
" فأخبرهم أن الله قد افترض عليهم صدقة
تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم ، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموال الناس
. واتق دعوة المظلوم . فإنها ليس بينها
وبين الله حجاب"
.. يأخذ من الوسط .
بقيت زكاة الزروع .
ورد فيها أحاديث . أول هذه الأحاديث
حديث جابر ابن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ الذي أخرجه الإمام مسلم أن النبي ـ صلى
الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال :
" فيم سقت الأنهار والغيث العشور .
وفيما سقي بالسانية ( البعير أو يسمى الناضح ، الحيوان الذي يدور في الساقية )نصف
العشور . هذا حديث .
وفي معناه حديث آخر أخره البخاري عن
عبد الله ابن عمر ـ رضي الله عنهما ـ أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ
قال :
" فيم سقت السماء والعيون ، أو كان
عثريا العشر . وفيما سقي النواضح نصف العشر "
انتبه جيدا إلى هذه الحديثين .
فمعناهما واحد .
ونأتي إلى حديثين آخرين معناهم واحد ،
ذكرتهما في الأسبوع الماضي. أيضا من حديث جابر ابن عبد الله ـ رضي الله عنهما ـ
الذي أخرجه مسلم أن النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال :
" ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة . وليس فيما دون خمس دود من الإبل صدقة .وليس فيما دون خمسة أوسق من الثمر صدقة " .
وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضا من
حديث أبي سعدي الخضري ـ رضي الله عنه ـ مع تقديم وتأخير :
" ليس فيما دون خمسة اوسق من الثمر صدقة . وليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة . وليس فيما دون خمس دود من الإبل صدقة "
فهنا ، النبي ـ صلى الله عليه وعلى
آله وسلم ـ بين أن ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة .
الحديثان الأولان الذان هما
"فيما سقت الأنهار أو الغيث نصف العشور . وفيما سقي بالسانية نصف العشور
" جعل الإمام ابو حنيفة ـ رحمه الله ـ يقول : كفى .
إذن فأي زرع يزرع في الأرض بقصد
النماء ، فيه العشر أو تجب فيه الزكاة . ليس هناك نصاب ولا أي شيء .... في قليله
وكثيره ما عدا الحطب والغاب أو البوص والحشيش والأشجار التي لا ثمر لها.
إذن الخضراوات ، المحاصيل ، القطن ،
كيل ، كتان ، بوت ، عدس ، سمسم ، جرجير ، فاصوليا ، خص ، بقدونس ... أي شيء
، كله إذا كان يسقى بالأمطار أو بالأنهار ، يكون فيه العشر . أو
كان عثريا ...العثري هو الذي يمد
بجذوره في الأرض ، فيصل إلى المياه الجوفية . فلا يحتاج إلى
سقي . وبعضهم قال هو الذي ينبت في
مستنقع أو بركة أو ما إلى ذلك .
إذن نستطيع أن نقول أنه هو الذي يسقى
بالماء بغير حاجة إلى أن يرقى بهذا الماء إليه .
الجمهور قالوا له كيف هذا الكلام ؟ ..
ماذا عن الخمسة أوسق وغير الخمسة أوسق ؟
فقبل أن ندخل في كلام الجمهور ، نأتي
بمذهب داوود الظاهري كذلك ـ رحمه الله ـ .
داوود الظاهري قال لهم لا .. وأنتم
تقولون لنا خمسة أوسق ... (الوسق هذا كيل : ستون صاعا بالإجماع . والصاع أربعة
أمداد ).. فدوود الظاهري قال لهم : ليس هناك
إشكال . وليس هناك تعارض في الحديث ... الذي يكال ، لا تجب الزكاة في أقل من خمسة
أوسق . والذي لا يكال ، تجب الزكاة في كثيره وقليله .
إذن فقول داوود أعم من قول ابي حنيفة
من جهة ، لأنه أوجب الزكاة في كل ما تخرج الأرض . وأخص منه في جهة أخرى ، في أن ما
يكال لا تكون فيه زكاة إلى أن يبلغ الخمسة أوسق .
وأبو حنيفة كلامه أعم من داوود في أن
الزكاة تجب في القليل والكثير ... يكال أو لا يكال .
وأخص في أنه استثنى أربع أشياء فقط .
التي هي : الحطب ، والبوص ، والحشيش ، والأشجار التي لا ثمر لها .
أتى الإمام أحمد ـ رحمه الله ـ ، فضيق
المسألة . قال :
" ما هذا الكلام ؟ الزكاة ، زكاة الزروع
تجب فيما يكال وتدخر وإن كان ليس من القوت " .
ماذا يعني هذا ؟
كلما يكال ويدخر . يدخل في ذلك الأرز
والعدس . ولكن هذا من القوت . لكن يدخل فيه الشمر والكسبرة . وهي ليست من القوت ...
إذن فالظابط عند الإمام أحمد هنا : كل
ما يكال ويدخر .
لماذا ؟ ... قال : لأن النبي ـ صلى
الله عليه وعلى آله وسلم ـ قال :
" ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة "
.. وهذا ورد بصيغة عامة في حديث أبي سعيد الذي رواه الجماعة . وورد بصيغة الثمر في
حديثي جابر وأبي سعيد الآخرين .
وطبعا هذا ذكر لأحد أفراد العام
... لكن عموم قوله عليه الصلاة والسلام :
" ليس فيما دون خمسة أرسق صدقة "
يدل على أن الأمر يتعلق بالمكيلات . إذن ما يصلح للكيل وللادخار هو ما تجب فيه
الصدقة .
أتى مالك والشافعي ـ رحمة الله عليهما
ـ ضيقوا المسألة اكثر . قالوا : .. الزكاة أصلا لا تجب في الثمار إلى في
الثمر والزبيب فقط . وأما في الزروع فتجب فيما يكال ويدخر ويقتات .
راعى الإمام مالك والإمام الشافعي
رحمة الله عليهما مسألة الإقتيات .
نأتي إلى المذهب الأخير الذي هو
المذهب [الصا.... ] . وهذا مذهب الحسن البصري
والحسن ابن صالح ومحمد ابن سيرين وعامر الشعبي وسفيان الثوري وعبد الله ابن المبارك
وأبي عبيد القاسم ابن سلام وموسى ابن طلحة ابن عبيد الله إبن الصحابي الجليل ، أحد
العشرة المبشرين بالجنة ـ رضي الله عنه ـ وهو المذهب المروي بالأساليب الصحيحة عن
معاذ ابن جبل وأبي موسى الأشعري
وبه ، كما قلت ، قال أبو عبيد القاسم
ابن سلام إن الزكاة في الزروع تكون في أربع أشياء فقط:
إثنين من الثمر وإثنين من الزروع . من
الثمر الزبيب والثمر ... ومن الزروع القمح والشعير فقط .
فيكون كأن هؤلاء كلهم ما عدا داوود
الظاهري وأبي حنيفة متفقين على أن الخضراوات لا زكاة فيها ... لماذا ؟ وأين عموم
قوله عليه الصلاة والسلام :
" ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة " ؟
...
قالوا : لقد ورد حديث أخص من كل هذا .
وهو ما رواه الدار قطني . لكن قبل أن نشرع في ما قال هؤلاء ، نقول عن إبراهيم
النخاعي رحمة الله عليه ، إذ أنه وافق هذا الفريق الأخير ، بأن لا زكاة إلا في
الثمر والزبيب والقمح والشعير وزاد على هذا الذرة .
ووافقه إبن عباس وزاد الزيتون . لكنك
عندما تنظر في ما قاله الآخرون ، ستجد أن دليل الذرة لم يصح وكذلك الزيتون لا دليل
فيه .
فبقي الدليل الصحيح في هذه الأمور
الأربعة فقط . أن موسى ابن طلحة قال :
" عندنا في كتاب معاذ عن رسول الله ـ
صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أنه إنما تؤخذ الصدقة من هذه الأربعة : الحنطة
والشعير والزبيب والثمر .
الحاكم قال إن الإسناد لهذا الحديث
صحيح على شرط الشيخين ووافقه الذهبي . لكن البعض قال :
كيف ؟ .. فموسى ابن طلحة لم يلق معاذ
ابن جبل ....
لكن ، هل تعتبر هذه علة ؟ ..
.. لا تعتبر .
هل هو حدث عن معاذ أم حدث عن كتاب
وجده لمعاذ ؟
الوجادة طريق من طرق التحمل ... وتكون
حجة في مذهب المحققين من أهل الأصول .
هل يشترط في الوجادة أن يلقى الراوي
صاحب هذا الكتاب ؟ ..
لا يشترط ...
فماذا يشترط ؟ .... يشترط الوثوق في
هذا الكتاب فقط . وأنه غير مدخول ( أي لم يدخل فيه شيء آخر ) ..
فموسى ابن طلحة قريب العهد جدا بمعاذ
ابن جبل . وموسى ابن طلحة ـ رحمه الله ـ ثقة . ويجزم بهذا :
" عندنا كتاب معاذ "
إذن فهذه الوجادة من بقى الوجادات ،
يؤيدها ما رواه الدار قطني والحاكم أيضا ، بإسناد صحيح عن معاذ ابن جبل وابي موسى
الأشعري ـ رضي الله عنهما ـ حين بعثهما النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ إلى
اليمن :
" لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربع : الشعير والحنطة والزبيب والثمر "
وفي هذا الحديث أيضا إسناد . لكن إبن [ ..................... ] قال : ليس صريحا في الرفع .
لماذا ؟ ...
" لا تأخذوا الصدقة " هذا كلام أبو
موسى الأشعري ومعاذ ابن جبل ـ رضي الله عنهما ـ حين بعثهما النبي ـ صلى الله عليه
وعلى آله وسلم ـ إلى اليمن . إما أنهما يقولان هذا الكلام للنبي عليه الصلاة
والسلام ، هذا لا يعقل . وإما أنهما يقولان هذا الكلام للناس وهذا أيضا ليس مسلما .
لأن الحديث يقول :
" حين بعثهما النبي ـ صلى الله عليه
وعلى آله وسلم ـ إلى اليمن " وهذا إسناده صحيح أيضا .
فثبت بهذا الدليل أن زكاة الزروع لا
تجب إلا في الثمر والزبيب والقمح والشعير .
.....
إجابة عن سؤال :
نعم ..
الحديثين الصحيحين اللذان قلنا في
الأول يبينان فقط قيمة الزكاة التي تخرج . لكن ليس فيهما نوعية الأموال . أموال
الزروع التي تجب في هذه الزكاة . يتناولان فقط قيمة الزكاة التي تخرج .
كما ان الحديثين الثانيين بينوا قيمة
النصاب الذي تجب فيه هذه الزكاة .
لكن الأحاديث التي تناولت أصناف
الأموال . أموال الزروع التي تجب فيها الصدقة ،
هي التي وراء هذا الحديث . لأن النبي عليه الصلاة والسلام أرسل معاذا إلى اليمن
قبل وفاته بقليل عليه الصلاة والسلام . فكونه يحصر الزكاة في هذه الأصناف فقط ..
كفى . وأنتهت المسألة . وقد ثبت بالإسناد الصحيح عن معاذ ابن جبل أنه لا تؤخذ
الزكاة من الخضراوات . وهذا مروي عن عمر ابن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ وعلى ابن أبي
طالب وعائشة ـ رضي الله عنهم جميعا ـ ... أنه لا زكاة في الخضراوات.
وجه الحديثين الأولين يتكلم عن قيمة
الزكاة التي ستخرجها . وجه الحديثين الثانيين يتكلم عن نصاب هذه الأموال الذي يوجب
الزكاة . الثالث يتكلم علن أنواع الأموال التي
تجب فيها هذه الزكوات .
نقف عند هذا الحد إن شاء الله .
ويتبقى لدينا في كتاب الزكاة أن نكمل كيفية الإخراج في زكاة الزروع . ونشرح معنى
الأنهار أو كان عثريا وهذه الاشياء . ونشرح كيفية إخراج زكاة الزروع
ثم يتبقى لدينا بعد ذلك مصاريف الزكاة . ومعها شيء أخير عبارة عن بعض الملحقات . نعيد مرة أخرى على مسألة الدين أو تلف
الأموال قبل حلول وقت الزكاة أو بعد حلول الوقت وقبل الإخراج أو بعد التجنيد .
وهذا يحتاج أن نتكلم عليه بشيء من التفصيل .
أسأل الله عز وجل أن يجعل هذا الدرس
في ميزان حسناتي وفي ميزان حسناتكم . وأن ينفعنا جميعا به . أقول قولي هذا وأستغفر
الله لي ولكم . وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وجبت عليك
جذعة ، فجاء فلم يجد عندك إلا حقة . يقبلها منك ، كما في هذا الحديث ، حديث أنس ،
وشاتين إن استيسرتا . وإلا يأخذ عشرة
دراهم عوض الجذعة .
يعني : أنت وجبت عليك جذعة . جاء
الرجل لم يجد عندك جذعة . وجد عندك حقة . والحقة أقل ( ثلاثة ودخلت في
الأربعة ، إنما الحقة عندها أربعة ودخلت في الخامسة ) ... يقول للرجل العامل
: يمكنك أن تأخذ منه الحقة ومعها شاتين في مقابل الفرق في السن ... إن استيسر ذلك .
إن لم تكن هناك شاتين تؤخذ منه عشرة
دراهم مكان الشاتين .
الآن العكس ... وجبت عليه حقة . لما
جاء لم يجد عنده إلا جذعة . يأخذ منه الجذعة ويدفع له شاتين إن استيسرتا أو عشرة
دراهم .
نفس الحكاية معك أنت صاحب المال .
وجبت عليك حقة ، ولم يجد عندك إلا بنت لبون ، يأخذ البنت اللبون وشاتين إن
استيسرتا وإلا عشر دراهم .
وجبت عليك بنت لبون ولم يجد عندك إلا
حقة ... أي أنه إذا وجب عليك سن أقل
وأنت عندك الاعلى يأخذ من عندك الأعلى وهو يعطيك : شاتين أو عشرة دراهم .
وجب عليك سن عال وأنت ليس لديك إلا
الأقل ... يأخذ منك الأقل ومنك أيضا شاتين إن
استيسرتا
أو عشرة دراهم .
أما إذا وجبت عليك بنت مخاض ...
ولم يجد عندك بنت المخاض ووجد عندك إبن لبون . يأخذ إبن اللبون ولا يأخذ منك
شيئا زيادة ولا يعطيك شيئا زيادة ...
إذا راجعت الجدول الذي كتبناه ستجد
أنها إذا بلغت خمسة وعشرين ففيها إبنة مخاض إلى خمس وثلاثين . فإن لم تكن إبنة
مخاض فابن لبون ذكر فقط .
هذا هو النصاب في مسألة الإبل ... و
يقول لك شاه . هذه الشاه إما أن تكون من الضأن ، ولا تقبل من الضأن إلا
الجذعة التي مضى عليها أكثر السنة أي الخروف ... أو الثنية من الماعز . أي معزة
أتمت سنة .
أي أنك تدفع له خروف مضى عليه أكثر
السنة أو تدفع له معزة أتمت سنة .
الجذعة من الضأن أو الثنية من الماعز .
هذا هو المراد بالشاه ..
نحن قلنا أن كل خمسة فيهم شاه . وكذلك
إذا كان عندك فية أقل وهو يريد فية أعلى ، تعطيه الأقل مع شاتين إن استيسرتا .
ما المراد بالشاة ؟ .. الجذعة
من الضأن أو الثنية من الماعز ... الجذعة من الضأن هي التي مضى أكثر السنة والثنية
من الماعز هي التي أتمت سنة .
هذا هو النصاب في الإبل .
( نحن هنا في مصر ليس لدينا إشكال
من ناحية النقود . إذ نحن نعتبر أن فيها غطاء من الذهب .
فأنصاب عروض التجارة يحسب على أساس
النقود والنقود محسوبة على أساس الذهب ...نفس الحكاية )...
زكاة الغنم :
ـ من أربعين إلى مائة وعشرين .
ـ من مائة وواحد وعشرين إلى مائتين .
ـ من مائتين وواحد إلى ثلاثمائة .
ـ ومن ثلاثمائة وواحد فما زاد .
زكاة الغنم في سائبتها . وليست في
المعلوفة . لأن الصديق ـ رضي الله عنه ـ في هذا
الكتاب الذي كتبه لأنس ابن مالك حين أرسله إلى البحرين ، قال :
" إن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول
الله ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ على المسلمين الذي أمر الله بها رسوله ـ صلى
الله عليه وعلى آله وسلم ـ . فمن سئلها من المسلمين على وجهها فليعطها . ومن سئل
فوق ذلك فلا يعط " .. وذكر الحديث : قال وفي سائبة الغنم .( التي ترعى من
الكلأ المباح ... المعلوفة هي التي يشتري لها علف
ويعلفها . أو يحش لها من أرضه ويعلفها . أحيانا ، كما يقول الأخ ، بعض الغنم تكون
معلوفة في بعض الأحيان ، وسائبة في بعض الأحيان .فإن غلب السوب على العلف فالحكم للأغلب .
( أما بالنسبة للتساوي فدعني إلى أن
أراجع هذه النقطة )
إذن فنحن قلنا كلما تبلغ أربعين
إلى مائة وعشرين ، فيها شاة . أيضا الجذعة من الضأن والثنية من الماعز .
من مائة وواحد وعشرين ( أي لو زادت
واحدة ) تكون فيها شاتين مباشرة .
ويضل الأمر كذلك إلى المائتين .. أي
مائة وستين شاتين ... مائة تسعة وتسعين شاتين .. مائتين شاتين .
وابتداء من مائتين وواحد ثلاث
شياه . ويضل الأمر كذلك إلى حدود الثلاثمائة .
إذن أنتبه هنا ... فالمائتين وواحد ،
الواحد هنا أوجب شاة جديدة لحد ثلاثمائة .
إبتداء من الثلاثمائة وواحد فما
فوق ، في كل مائة شاة ، شاة .
أي ، ثلاثمائة وواحد عليهم ثلاث
شياه إلى أن تكمل الأربعمائة .